قصة قصيرة للعبرة أبشر لقد جاءك خطاب لابنتك يا أحمد
دخل الأب للبيت من العمل كالعادة فإذا بالأم تناديه إلى المطبخ على غير العادة و علامات السرور بادية على وجهها و قائلة :
"أبشر لقد جاءك خطاب لابنتك يا أحمد "
بقي الأب واقفا مكانه و لم يحرك ساكنا و بقي ينظر إلى زوجته مصدوم و بدت عليه علامات القلق و بصعوبة أخرج كلمتين من فمه قائلا :
من - من - نور ؟
دون أن يضيف اي كلمة أخرى خرج الرجل و اتجه إلى غرفته و هو شارد في تفكير عميق؛ تفكير مقلق أحس بأنه سوف يرمي بابنته إلى الهلاك، دون أن يسأل عن العريس و عن أهله ولا عن أي شئ يخص موضوع الخطبة مجرد الفكرة اقلقته.
فأول ما شغل مخيلته في هذه اللحظة ذكرياته مع زوجته مرت أمامه مقاطع حياته مع أم أولاده مقاطع مؤلمة و موجعة بدأت تظهر أمامه مشاهد معاملته مع زوجته منذ أن أدخلها بيته عروس؛ كيف كان قاسيا معها و شديدا في تصرفاته و كيف كان باردا في مشاعره معها و جافا حتى في كلامه معها، والذي زاد قلقه و تعسفه هو أنه تذكر كيف كانت تواجه شخصيته الخشنة تلك وحدها و لم تكن تشرك في معاناتها معه أحد حتى أبويها و أهلها، تذكر كيف صارعت و نازعت في صمت و كبرياء حتى تأقلمت مع شخصيته و تعودت على الحياة معه و كل ذلك كان للحفاظ على حياتها و بيتها.
فأصبح يتخيل أن هذه المعاناة سوف تعيشها ابنته فلذة كبده حبيبته الغالية الصغيرة لم يحتمل فكرة ان يأتي شخص يقسو على ابنته و هو حي يرزق فكيف يسلم ابنته لرجل غريب يهينها و هو الذي كان يدللها و يحن عليها.
في هذه اللحظة تحسر عندما أيقن أن زوجته هي أيضا ابنة رجل كان يحبها و يدللها و كان يخاف عليها و سلمه اياها و إأتمنه عليها و كان يرجو ان يحافظ عليها و أن يعتني بها و يسعدها.
الأن فقط أحس بظلمه لزوجته التي أتته عروسا و هي في سن ابنته، الأن فقط أيقن بأن زوجته كانت أمانة عنده و انه كان يجب أن يحافظ عليها و أن يحميها .
العبرة
" كثيرا من الرجال لا يعرفون قيمة زوجاتهم إلى أن يرزقون ببنات، و الأكثر لا يعرفون قيمة زوجاتهم إلى أن يزوجو بناتهم"
"بقلمي"