قصة من حوالي 17 سنة تقريبا وأنا كنت بأصلي إمام بالناس في صلاة العشاء ، بعد ما انتهيت من الصلاة جاء رجل لا أظنه يقل عن 70 عاما ،
لحيته بيضاء ، ضهره فيه انحناء خفيف لابس طاقيه عادي وملابسه أقل من العادي . قالي ممكن أتكلم كلمتين يا بني ،؟ قلت له تفضل يا والدي ،
قعد، مسك الميكرفون، ووشه للناس، وبدأ يشرح سورة الاخلاص ( قل هو الله أحد ) شرح لم أسمعه من قبل
تكلم فيها عن أنواع التوحيد
الربوبية
الألوهية
الأسماء والصفات
تكلم فيها عن عظمة الله
تكلم فيها عن إفك النصارى أن لله الولد
تكلم عن الفارق بين التوحيد عند المسلمين والتثليث عند المسيحيين ..
تكلم عن فضل سورة الإخلاص..
صوت الرجل الشيخ الكبير كان صوت متهالك ضعيف يكاد لا يُسمع . إلا أن الأسلوب جعل الناس كلهم جلوس لم يقم منهم واحد ولم يتحرك أحد، لجمال أسلوبه .
مرت حوالي 13 سنة تقريبا . ومن سنتين . جاء نفس الرجل على نفس الهيئة ، إلا أن وهن العمر الذي تقدم به أصبح ظاهرا عليه ، واستبدل عكازه بأحد أولاده يستند عليه . جاءني بعد الصلاة وطلب الكلمة فأعطيته الميكرفون ..
فقال نفس ما قاله من 13 سنة بالضبط وبالحرف الواحد في تفسير قل هو الله أحد ،
انتهى الرجل وصلينا السنة ، فقلت لولده ( الحاج من 13 سنة تقريبا كان في نفس المكان بيقول نفس الكلام . هو مش عنده غير قل هو الله أحد ) ؟ قال لي أيوه . أبويا بقاله اكتر من خمسين سنة يدعو إلى الله بتفسير سورة الإخلاص فقط . قلت له مش معقوله . قالي اه والله ..
تذكرت حينها قصة الرجل الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس دائما بقل هو الله أحد، فلما رفعوا أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال له هي صفة الرحمن وأحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم حبك لها أدخلك الجنة ...
من حوالي شهر تقريبا ابن هذا الرجل كان معي وأخبرني أن أباه مات في إحدى المستشفيات في القاهرة ..
قال لي لما كان على فراش الموت وحوله الأطباء . قال لهم ألا أقول لكم شيئا ؟ فقالوا له قل . فأخذ يشرح لهم قل هو الله أحد . حتى انتهى منها . خرجت روحه فمات ...
وهنا تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
من عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه ..
مات ولم أعرف اسمه ولا يعرفه الكثير . لكنه معروف مذكور في السماء عند الله . لذلك حسنت خاتمته .
عاش على التوحيد ومات عليه
فاللهم حسن الخاتمة